يعاني حوالي ١٥٪ من الأزواج والزوجات من تأخر الحمل لأكثر من سنة (وهو ما يسمى طبياً بالعقم)، و هناك عدة أسباب مثل ضعف الإباضة أو انسداد قناة فالوب ولكن أكثر الأسباب شيوعاً في العالم العربي هو ضعف الحيوانات المنوية عند الرجل أو ما يسمى بعقم الرجال. وبيّنت الدراسات الحديثة أنّ حوالي ٧٠٪ من حالات العقم في المنطقة العربية يوجد بسبب ضعف في قوة الحيوانات المنوية أو قلة في عددها إلى درجة كبيرة. ولعل أكثر الحالات صعوبة في هذا المجال هي حالات انعدام الحيوانات المنوية كلياً في القذف أو ما يسمى بالأزوسبيرميا.
يعاني حوالي ٨٪ من الرجال الذين يراجعون عيادات العقم من الازوسبيرميا، و لقد كان علاجهم صعباً جداً وشبه مستحيل لمدة طويلة وإلى أن تم اكتشاف الأسباب التي تقف وراء هذه الحالة والأسس العلمية لعلاجها بنجاح خلال السنوات القليلة الماضية، حتى صارت هذه الحالات من الأنجح علاجاً في المراكز المتخصصة والأيدي الخبيرة الماهرة.
قد يكون سبب وجود الأزوسبيرميا هو قصور في إفرازات الغدة النخامية وفي مثل هذه الحالات يكون العلاج ناجحاً لدى حوالي ١٠٠٪ من المرضى باستخدام الهرمونات البديلة بالجرعات المناسبة وللمدة الكافية التي قد تصل إلى ١٨ شهراً وبعد ذلك يتم انتاج الحيوانات المنوية طبيعياً وكذلك يتم الحمل طبيعياً.
هذا هو الحال أيضاً في حالات الأزوسبيرميا الناتجة عن انسداد القنوات المنوية حيث يكون العلاج عن طريق التدخل الجراحي لفك الانسداد وبعد ذلك يحصل الحمل طبيعياً.
ولكن أكثر حالات الأزوسبيرميا شيوعاً هي تلك الناتجة عن قصور في الخصية، وفي تلك الحالات يتم التفتيش المجهري عن الحيوانات المنوية القليلة جداً الموجودة في الخصية ثم بعد ذلك يتم استخدامها في علاج الزوجة عن طريق أطفال الأنابيب بالحقن المجهري وبنسبة نجاح عالية.
لقد تقدم العلم والطب كثيراً في السنوات القليلة الماضية في علاج معظم حالات العقم ولكن كما رأينا فإنّ أكبر هذا التقدم كان في أصعب الحالات وهذا دليل واضح على أنه لا يأس مع الحياة مهما بلغت الصعوبات.